تنافس الدول الأوروبية في ادعاء الأولوية في تحقيق الحرية والحضارة
فكانت حياتهم في جميع النواحي لا يمكن ولا يستطيع أحد من عقلائهم أن يصورها على أنها حياة إنسانية بالمعنى الصحيح، فلما جاءت الثورة الفرنسية لأول مرة.. وهنا نذكر أن الألمان والإنجليز والفرنسيون يتنافسون على زعامة أوروبا ، وجامعاتنا -مع الأسف- يدرس فيها أن الثورة الفرنسية هي التي علمت الناس العدالة والحرية، فالألمان يقولون: صحيح أن الثورة الفرنسية أثرها أكبر، لكن نحن أيضاً عندنا ثورة، ويسموها: ثورة الفلاحين، وقد سبقت الثورة الفرنسية، وتعلم الفرنسيون منها.والإنجليز يقولوا: نحن قبل ذلك؛ فقد كان عندنا ما يسمى الميثاق أو العهد، وهذا أول ميثاق في تاريخ العالم، وهو ميثاق يعترف للرعية بالحقوق، وقد عملوا هذا الميثاق قبل الثورة الفرنسية بقرون، ففي عام 1215م اعترف ملك بريطانيا بأن الشعب له الحق في أن يشارك بالقرارات في البلد، وأنهم ليسوا دواب، وإنما هم بشر، وهذا الميثاق يفخر به الإنجليز إلى تاريخنا هذا، ويقولون: يظل الحكم ملكياً حتى ولو كان الملك يملك ولا يحكم، فالقاعدة المعروفة عندهم: أن الملك يملك ولا يحكم.ومعروف عندهم الانتخابات والوزراء، لكن يظل الحكم ملكياً؛ لأنهم هم أول من علم العالم والناس: أن الملك يتنازل عن شيء من حقه للرعية عام 1215م أي: بعد ستمائة سنة من ظهور الإسلام، والأمة الإسلامية، ولا يعلمون أننا قد علمنا الناس أضعاف أضعاف هذا الحق الذي لا يعد شيئاً مذكوراً، لكنهم لا يرون بأنا من العالم، ولا يعتبرونا من العالم، ولا يقرون لنا بفضل كائناً ما كان.فالفرنسيون يقولون: إن هذا لا يذكر ولا يعتبر شيئاً، وثورة الفلاحين في ألمانيا لا تعتبر شيئاً، والتي علمت الناس، وعلمت الغرب الحرية هي: الثورة الفرنسية التي قامت سنة 1789م.